بقلم زينب عبده
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
: ( ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻣﺒﺪﺃ ﺃﻣﺮﻱ ﻣﻨﻜﺮﺍً ﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، ﻭﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ
، ﺣﺘﻰ ﺻﺤﺒﺖ ﺷﻴﺨﻲ
( ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﻨﺴﺎﺝ ) ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝ ﻳﺼﻘﻠﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ﺣﺘﻰ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻟﻮﺍﺭﺩﺍﺕ،
ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺣﺎﻣﺪ، ﺩﻉ ﺷﻮﺍﻏﻠﻚ، ﻭﺍﺻﺤﺐ ﺃﻗﻮﺍﻣﺎً ﺟﻌﻠﺘُﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﺭﺿﻲ ﻣﺤﻞ ﻧﻈﺮﻱ،
ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﻋﻮﺍ ﺍﻟﺪﺍﺭﻳﻦ ﺑﺤﺒِّﻲ،
ﻗﻠﺖ : ﺑﻌﺰﺗﻚ ﺇﻻ ﺃﺫﻗﺘﻨﻲ ﺑَﺮْﺩَ ﺣُﺴْﻦِ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻬﻢ،
ﻗﺎﻝ :
ﻗﺪ ﻓﻌﻠﺖُ، ﻭﺍﻟﻘﺎﻃﻊ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﺗﺸﺎﻏُﻠُﻚ ﺑﺤﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ،
ﻓﺎﺧْﺮُﺝْ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺨﺘﺎﺭﺍً ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﺎﻏﺮﺍً،
ﻓﻘﺪ ﺃﻓﻀﺖُ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻧﻮﺍﺭﺍً ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺭ ﻗﺪﺳﻲ
. ﻓﺎﺳﺘﻴﻘﻈﺖُ ﻓﺮﺣﺎً ﻣﺴﺮﻭﺭﺍً
ﻭﺟﺌﺖ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﺨﻲ
( ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﻨﺴﺎﺝ )
ﻓﻘﺼﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ﻓﺘﺒﺴﻢ ﻭﻗﺎﻝ :ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺣﺎﻣﺪ ﻫﺬﻩ ﺃﻟﻮﺍﺣﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ، ﺑﻞ ﺇﻥْ ﺻﺤﺒﺘﻨﻲ ﺳﺘﻜﺤﻞ ﺑﺼﻴﺮﺗﻚ ﺑﺈِﺛﻤﺪ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺦ )
.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً :
( ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺳﺎﻟﻚِ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﺮﺷﺪٌ ﻭﻣﺮبّ ليدله ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ،
ﻭﻳﺮﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺬﻣﻮﻣﺔ،
ﻭﻳﻀﻊ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩﺓ،
فالواضح من هذا ان معنى التربيه
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﺑﻲ ﻛﺎﻟﺰﺍﺭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺑﻲ ﺍﻟﺰﺭﻉ،
ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺣﺠﺮﺍً ﺃﻭ ﻧﺒﺎﺗﺎً ﻣﻀﺮﺍً ﺑﺎﻟﺰﺭﻉ ﻗﻠﻌﻪ ﻭﻃﺮﺣﻪ ﺧﺎﺭﺟﺎً،
ﻭﻳﺴﻘﻲ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻣﺮﺍﺭﺍً ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻨﻤﻮ ﻭﻳﺘﺮﺑﻰ،
ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ
كذلك ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺮﺷﺪ ﺍﻟﺒﺘﺔ،
ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻠﺨﻠﻖ
ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﺩﻟﻴﻼً ﻟﻬﻢ،
ﻭﻳﺮﺷﺪﻭﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ
؛ ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ
ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﻧﻮﺍﺑﺎً ﻋﻨﻪ ﻟﻴﺪﻟﻮﺍ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻠﻪ
؛ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﺎﻟﺴﺎﻟﻚ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺷﺪ ﺍﻟﺒﺘﺔ ) .
ﻭﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ :
( ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺮﻳﺪ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﺦ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫ ﻳﻘﺘﺪﻱ ﺑﻪ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻟﻴﻬﺪﻳﻪ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ،
ﻓﺈﻥ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻏﺎﻣﺾ
، ﻭﺳﺒﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺷﻴﺦ ﻳﻬﺪﻳﻪ، ﻗﺎﺩﻩ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻗﻪ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ .
ﻓﻤﻦ ﺳﻠﻚ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﺒﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﻤﻬﻠﻜﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﺧﻔﻴﺮ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻃﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺃﻫﻠﻜﻬﺎ،
ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻞ ﺑﻨﻔﺴﻪ
ﻛﺎﻟﺸﺠﺮﺓِ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺖ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ
ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺠﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺏ،
ﻭﺇﻥ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﺪﺓ ﻭﺃﻭﺭﻗﺖ ﻟﻢ ﺗﺜﻤﺮ، ﻓﻤﻌﺘَﺼَﻢُ ﺍﻟﻤﺮﻳﺪ ﺷﻴﺨُﻪُ،
ﻓﻠﻴﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ) .